responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 285
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا مَفْعُولًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا يُقَالُ: ضَرَبَهُ مَنْ ضَرَبَهُ، وَعَلَى هَذَا نَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الذي غش هو الله تعالى فيكون كقوله تعالى: وَالسَّماءِ وَما بَناها [الشَّمْسِ: 5] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى سَبَبِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَيْ/ غَشَّاهَا عَلَيْهِمُ السَّبَبُ، بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ، يُقَالُ لِمَنْ أَغْضَبَ مَلِكًا بكلام فضربه الملك كلامك الذي ضربك. ثم قال تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 55]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (55)
قِيلَ هَذَا أَيْضًا مِمَّا فِي الصُّحُفِ، وَقِيلَ هُوَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَالْخِطَابُ عَامٌّ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: بِأَيِّ النِّعَمِ أَيُّهَا السَّامِعُ تَشُكُّ أَوْ تُجَادِلُ، وَقِيلَ: هُوَ خِطَابٌ مَعَ الْكَافِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَتَمارى لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مِنْ بَابِ: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزُّمَرِ: 65] يَعْنِي لَمْ يَبْقَ فِيهِ إِمْكَانُ الشَّكِّ، حَتَّى أَنَّ فَارِضًا لَوْ فُرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ يَشُكُّ أَوْ يُجَادِلُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ الْخَفِيَّةِ لَمَا كَانَ يُمْكِنُهُ الْمِرَاءُ فِي نِعَمِ اللَّهِ وَالْعُمُومُ هُوَ الصَّحِيحُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: بِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى أَيُّهَا الْإِنْسَانُ، كَمَا قَالَ: يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الِانْفِطَارِ: 6] وَقَالَ تَعَالَى: وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الْكَهْفِ: 54] فَإِنْ قِيلَ: الْمَذْكُورُ مِنْ قَبْلُ نِعَمٌ وَالْآلَاءُ نِعَمٌ، فَكَيْفَ آلَاءُ رَبِّكَ؟ نَقُولُ: لَمَّا عَدَّ مِنْ قَبْلُ النِّعَمَ وَهُوَ الْخَلْقُ مِنَ النُّطْفَةِ وَنَفْخُ الرُّوحِ الشَّرِيفَةِ فِيهِ وَالْإِغْنَاءُ وَالْإِقْنَاءُ، وَذَكَرَ أَنَّ الْكَافِرَ بِنِعَمِهِ أُهْلِكَ قَالَ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى فَيُصِيبُكَ مِثْلَ مَا أَصَابَ الَّذِينَ تَمَارَوْا مِنْ قَبْلُ، أَوْ تَقُولُ: لَمَّا ذُكِرَ الْإِهْلَاكُ، قَالَ لِلشَّاكِّ: أَنْتَ مَا أَصَابَكَ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَذَلِكَ بِحِفْظِ اللَّهِ إِيَّاكَ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى وَسَنَزِيدُهُ بَيَانًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن: 13] في مواضع. ثم قال تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 56]
هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (56)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِهَذَا مَاذَا؟ نَقُولُ فِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِنْسِ النُّذُرِ الْأُولَى ثَانِيهَا:
الْقُرْآنُ ثَالِثُهَا: مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارِ الْمُهْلَكِينَ، وَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ هَذَا بَعْضُ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ مُنْذِرَةٌ، وَعَلَى قَوْلِنَا: الْمُرَادُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فالنذير هو المنذر و (من) لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَعَلَى قَوْلِنَا: الْمُرَادُ هُوَ الْقُرْآنُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّذِيرُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ، وَكَوْنُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْقُرْآنِ بَعِيدٌ لَفْظًا وَمَعْنًى، أَمَّا مَعْنًى: فَلِأَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصُّحُفِ الْأُولَى لِأَنَّهُ مُعْجِزٌ وَتِلْكَ لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَةً، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَقَالَ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى [النجم: 55] قَالَ: هَذَا نَذِيرٌ إِشَارَةٌ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللُّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِثْبَاتًا لِلرِّسَالَةِ، وَقَالَ بَعْدَ ذلك: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ [النجم: 57] إِشَارَةً إِلَى الْقِيَامَةِ لِيَكُونَ فِي الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الْمُرَتَّبَةِ إِثْبَاتُ أُصُولٍ ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ، فَإِنَّ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ هُوَ اللَّهُ وَوَحْدَانِيَّتُهُ ثُمَّ الرَّسُولُ وَرِسَالَتُهُ ثُمَّ الْحَشْرُ وَالْقِيَامَةُ، وَأَمَّا لَفْظًا فَلِأَنَّ النَّذِيرَ إِنْ كَانَ كَامِلًا، فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حِكَايَةِ الْمُهْلَكِينَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَيَكُونُ/ عَلَى هَذَا مِنْ بَقِيَ عَلَى حَقِيقَةِ التَّبْعِيضِ أَيْ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا جَرَى وَنُبَذٌ مِمَّا وَقَعَ، أَوْ يَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، بِمَعْنَى هَذَا إِنْذَارٌ مِنَ الْمُنْذِرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ، يُقَالُ: هَذَا الْكِتَابُ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ فُلَانٍ وَعَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا لَيْسَ ذِكْرُ الْأُولَى لِبَيَانِ الْمَوْصُوفِ بِالْوَصْفِ وَتَمْيِيزِهِ عَنِ النُّذُرِ الْآخِرَةِ كَمَا يُقَالُ: الْفِرْقَةُ الْأُولَى احْتِرَازًا عَنِ الْفِرْقَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الوصف

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست